الأحد، 20 أبريل 2014

الكتاب الرابع و الثلاثون : الخيميائي

باولو كويلهو (بالإنجليزية: Paulo Coelho) روائي وقاص برازيلي. ولد في ريو دي جانيرو عام 1947. قبل أن يتفرغ للكتابة، كان يمارس الإخراج المسرحي، والتمثيل وعمل كمؤلف غنائي، وصحفي. وقد كتب كلمات الأغاني للعديد من المغننين البرازيليين أمثال إليس ريجينا، ريتا لي راؤول سييكساس، فيما يزيد عن الستين أغنية.
ولعه بالعوالم الروحانية بدء منذ شبابه كهيبي، حينما جال العالم بحثا عن المجتمعات السرية، و ديانات الشرق. نشر أول كتبه عام 1982 بعنوان "أرشيف الجحيم"، والذي لم يلاقي أي نجاح. وتبعت مصيره أعمال أخرى، ثم في عام 1986 قام كويلو بالحج سيرا لمقام القديس جايمس في كومبوستيلا. تلك التي قام بتوثيقها فيما بعد في كتابه "الحج". في العام التالي نشر كتاب "الخيميائي"، وقد كاد الناشر أن يتخلي عنها في البداية، ولكنها سرعان ما أصبحت من أهم الروايات البرازيلية وأكثرها مبيعا.
الخيميائي (بالبرتغالية:O Alquimista) هي رواية رمزية من تأليف باولو كويلو نشرت لأول مرة عام 1988. وتحكي عن قصة الراعي الإسباني الشاب سنتياغو في رحلته لتحقيق حلمه الذي تكرر أكثر من مرة الذي تدور احداثه حول كنز مدفون في الاهرامات بمصر ووراء هذا الحلم ذهب سانتياغو ليقابل في رحلته الإثارة، الفرص، الذل، الحظ والحب. ويفهم الحياه من منظور أخر وهو روح الكون. وقد أشاد بها النقاد وصنفوها كأحد روائع الأدب المعاصر. واستلهم الكاتب حبكة القصة من قصة بورخيس القصيرة حكاية حالمين.
وترجمت الرواية إلى 67 لغة، مما جعلها تدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية لأكثر كتاب مترجم لمؤلف على قيد الحياة. وقد بيع منها 65 مليون نسخة في أكثر من 150 بلدًا، مما جعلها واحدة من أكثر الكتب مبيعًا على مر التاريخ.
باولو كويلو كاتب كلمات أغاني مشهور في الستينيات من عمره. وعندما ذهب لإسبانيا عام 1986، عبر طريق سنتياغو الذي يبلغ طوله أكثر من 500 ميلاً. وقد كان هذا العبور نقطة التحول في حياته التي وصفها في سيرته الذاتية الحاج والتي كان لها التأثير الأكبر على الكتاب الذي تلى رواية الحاج: الخيميائي. فاسم بطل القصة هو سنتياغو، نفس اسم الطريق الذي عبره. وفي إحدى اللقاءات الصحفية قال كويلو "أن رواية الخيميائي هي استعارة من حياتي. لقد كتبتها عام 1988، في هذا الوقت كنت سعيدًا بالأشياء التي كنت أعملها. كنت أعمل شيءًا يعطيني الطعام والماء. وكما الاستعارة في كتابي: كنت أشتغل وكان لدي الشخص الذي أحب وكان لدي المال ولكني لم أحقق حلمي. حلمي الذي كان، ولا يزال، بأن أصبح كاتبًا."
تحكي الرواية قصة الراعي الأندلسي "سانتياغو " الذي مضى في البحث عن حلمه المتمثل بكنز مدفون قرب أهرامات مصر. بدأت رحلته من إسبانيا عندما التقى الملك "ملكي صادق " الذي أخبره عن الكنز. عبر مضيق جبل طارق، مارا بالمغرب، حتى بلغ مصر وكانت تواجهه طوال الرحلة إشارات غيبية.
وفي طريقه للعثور على كنزه الحلم، تقع له أحداث كثيرة كل حدث منها استحال عقبة تكاد تمنعه من متابعة رحلته، إلى أن يجد الوسيلة التي تساعده على تجاوز هذه العقبة. يسلب مرتين، يعمل في متجر للبلور، يرافق رجلا إنجليزيا (يريد أن يصبح خيميائياً)، يبحث عن أسطورته الشخصية، يشهد حروبا تدور رحاها بين القبائل، إلى أن يلتقي "الخيميائي" عارف الأسرار العظيمة الذي يحثه على المضي نحو كنزه. في الوقت نفسه يلتقي "فاطمة" حبه الكبير، فيعتمل في داخله صراع بين البقاء إلى جانب حبيبته، ومتابعة البحث عن كنزه. تنصحه فاطمة بالمضي وراء حلمه وتعده بانتظاره في الصحراء. خلال هذه الأحداث تتوصد الرابطة بين هذا الراعي والكون حتى يصبح عارفا بلغة الكون فاهما لعلاماته.وتبلغ الرواية حبكتها عندما تقبض إحدى قبائل الصحراء على سانتياغو ومرافقة الخيميائي حيث توضع العلاقة بين سانتياغو والكون على المحك. لكنه ينجح في الاختبار وينجو من الموت. يتابع بعدها الرجلان رحلتهما حتى يصل وحده أخيرا إلى الأهرامات ليكتشف أن ما ينتظره هو علامة أخرى ليصل لكنزه.
يمكن أن نجمل القضايا والموضوعات التي تعالجها الرواية في قضيتين هما قضية الاستقرار والترحال ثم قضية الأسطورة الشخصية. بالنسبة للأولى يكشف لنا عن ذلك التوتر الدي يعيشه الإنسانين رغبة في الاستقرار وعيشه حالة الترحال والسفر. ففي الحالة الأولى يرغب الإنسان في أن يشتغل في مكان معين وان يرتبط باشخاص معينين وبالتالي فان العالم سيصبح ضيقا وكذلك علاقاته وأحاسيسه.

كما تدور أحداث الكتاب حول مفهوم الأسطورة الشخصية الذي يسمعه سنتياغو من ملك سالم (أي القدس) الذي قال له: "هي ما تمنيت دائمًا أن تفعله. كل منا يعرف في مستهل شبابه ما هي أسطورته الشخصية." ثم يشرح ما قاله: "...لأن هناك حقيقة كبيرة في هذا العالم: فأيا كنت مهما كان ما تفعله، فإنك عندما تريد شيءًا بإخلاص، تولد هذه الرغبة في روح العالم. تلك هي رسالتك على الأرض." ويخبر الملك سنتياغو بأهمية الطوالع في رحلته أو في حياته لإدراك كل فرد لأسطورته الشخصية.
لينك للتحميل :

السبت، 19 أبريل 2014

الكتاب الثالث و الثلاثون : مئة عام من العزلة

غابرييل خوسيه دي لا كونكورديا غارثيا ماركيز روائي وصحفي وناشر وناشط سياسي كولومبي ولد في أراكاتاكا، ماجدالينا في كولومبيا في 6 مارس 1927قضى معظم حياته في المكسيك وأوروبا. وتضاربت الأقاويل حول تاريخ ميلاده هل كان في عام 1927إلا أن الكاتب نفسه أعلن في كتابه عشت لأروي عام 2002 عن تاريخ مولده عام 1927. ويعد غارثيا ماركيز من أشهر كتاب الواقعية العجائبية، فيما يعد عمله مئة عام من العزلة[ هو الأكثر تمثيلًا لهذا النوع الأدبي.وبعد النجاح الكبير الذي لاقته الراوية، فإنه تم تعميم هذا المصطلح على الكتابات الأدبية بدءًا من سبعينات القرن الماضي. وفي عام 2007، أصدرت كل من الأكاديمية الملكية الإسبانية ورابطة أكاديميات اللغة الإسبانية طبعة شعبية تذكارية من الرواية، باعتبارها جزءًا من الكلاسيكيات العظيمة الناطقة بالإسبانية في كل العصور. وتم مراجعة وتنقيح النص من جانب غابرييل غارثيا ماركيز شخصيًا. وتميز غارثيا ماركيث بعبقرية أسلوبه ككاتب وموهبته في تناول الأفكار السياسية. وقد تسببت صداقته مع الزعيم الكوبي فيدل كاسترو الكثير من الجدل في عالم الأدب والسياسة. وعلى الرغم من امتلاك غابرييل غارثيا ماركيث مسكنًا في باريس وبوغوتا وقرطاجنة دي إندياس، إلا أنه قضى معظم حياته في مسكنه في المكسيك واستقر فيه بدءًا من فترة الستينات.
تعتبر هذه الرواية من أهم الأعمال الأسبانية - الأمريكية خاصة, ومن أهم الأعمال الأدبية العالمية عموما. وتروي الرواية قصة عائلة بوينديا على مدى ستة أجيال التي تعيش في قرية خيالية تدعى "ماكوندو".
يسجل ماركيز قصة حياة عائلة "بوينديا" في قرية ماكوندو على الساحل الكاريبي، بدءاً من قدوم الجد الأكبر "خوزيه أركاديو بوينديا" والجدة الكبرى "أورسولا" و "بيلار تيريزا" التي تقرأ مستقبل الناس من خلال ورق اللعب، ومجموعة متنوعة من المهاجرين. ثم تكوين مجتمع ماكوندو الغريب الذي يتسم كل شيء فيه بالعزلة النسبية. فكل فرد ومكان طبع على شخصيته سمات خاصة تجعل تفرده حالة مستعصية.
ثم يأتي إلى القرية الجديدة الغجر بألعابهم السحرية التي لا تنتهي، فتطبع على القرية وأهلها شكل آخر من أشكال الخرافة، ويأتي مع الغجر الشخصية الغريبة "ملكياديس" والذي يفعل أشياءا غريبة ويرحل مخلفا وراءه كنزا غريبا بعض الشيء، وهو مجموعة من الأوراق التي تسجل بدقة تاريخ القرية وكل سكانها من لحظة وجودها وحتى لحظة فناء القرية وأهلها، ولكن هذه الأوراق لا تقرأ إلا بعد مرور مائة عام على كتابتها !
ثم يتنوع نسل عائلة بوينديا إلى مجموعة من الأبناء والأحفاد مصنفين لنوعين ؛ الأول يمتلك صفات جسدية خارقة للعادة وقدرة جنسية فائقة ، والآخرون يحملون صفات العزلة والتمرد المطلوبة لقائد.
يأتي المستعمر الأجنبي إلى القرية الهادئة بصخبه وشركاته وينشئ على الطرف الآخر من البلدة شركة الموز، والتي استغلها المستعمر ليستعبد أهل القرية وخيرات القرية بحماية من قوات الجيش الوطني وحزب المحافظين. حيث صاح العقيد الدموي المستبد الثائر أوريليانو بوينديا "إنظرو البلاء الذي جلبناه لأنفسنا لمجرد أننا دعونا أمريكياً لأكل الموز عندنا !!".
أحداث الرواية الخيالية متقاطعة مع تاريخ كولومبيا و إنفصالها عن أسبانيا و إعلان إستقلالها و حربها الأهلية التي إندلعت في عام 1885 قبل أن تنتهي بتوقيع معاهدة نيرلانديا سنة 1902 بواسطة زعيم الثوار الكابتن رافائيل يريبي و الذي حارب جد الكاتب تحت إمرته.

ثم يأتي على القرية سنوات من الثراء الرهيب، حتى أن أحد الأحفاد كان يغطي جدار البيت بالأوراق النقدية، وموّل عدة مشروعات للسكك الحديدية والنقل البحري، وتزوج من ملكة أندلسية ، قبل أن تأتي مجددا سنوات الفقر مع طوفان من الأمطار استمر لسنوات وسنوات، وأخيرا عندما توقف كانت الحياة قد تغيرت تماما في قرية ماكوندو إلى أسوأ حال، ولكن الحياة تستمر على الرغم من هذا.
لينك للتحميل :


الخميس، 17 أبريل 2014

الكتاب الثانى و الثلاثون : لوليتا

فلاديمير نابوكوف (ولد في 23 أبريل 1899 في سانت بطرسبرغ بروسيا – و توفي في 2 يوليو 1977 في مونترو بسويسرا) كاتب روسي أمريكي. أعماله الأولية كتبت باللغة الروسية، وبعدما اشتهر عالمياً أصبح يكتب رواياته بالإنجليزية. عرفت أعماله بكونها معقدة، حيث أن حبكة القصص والكلمات المستخدمة فيها كثيرة التعقيد. له أيضاً مساهمات في مجالات أخرى مثل قشريات الجناح والشطرنج.
ولد الكاتب الروسي فلاديمير نابوكوف يوم 10 أبريل 1899م، في سان بطرسبورج لعائلة اريستقراطية، فأبوه أحد كبار رجال القانون الروس في عصره، وجده وزير سابق من العهد القيصري، وقد تلقى نابوكوف مع إخوته تعليما ثلاثي اللغات بالروسية والإنجليزية والفرنسية، كما وقع في سن مبكر تحت تأثير أستاذه للأدب الروسي الشاعر والناقد فاسيلي هيبيوس.
ومع قيام ثورة أكتوبر 1917م، التحق نابوكوف للدراسة بكلية تيرنتي في جامعة كامبريدج حيث درس العلوم واللغات والأدب الوسيط، وتفرغ للأدب سنة 1922م بعد ما اغتال عملاء سوفييت والده، فترجم إلى الروسية عدداً من الروايات الأوروبية.
ظهرت أولى رواياته عام 1925 تحت عنوان "ماشينكا"، وفي سنة 1926م ظهرت مسرحيته المعادية للسوفييت "رجل سوفييتي" واتبعها بروايته "الملك ــ السيدة ــ الخادم" سنة 1931م، وكانت هذه الفترة أخصب فترات عطاء نابوكوف الإبداعي حيث نشر عمله "الغلطة" 1932، ثم عاد سنة 1934م ونشر أعمالا ملفتة للانتباه مثل "سباق مجنون" و"دعوة للعذاب" وفي هذه الأخيرة عداء شديد للحكم التوليتاري السوفييتي، إلا أنه كتب سنة 1938م لأول مرة رواية باللغة الإنجليزية هي "سيرة سباستيان نايت الحقيقية".
سنة 1939م غادر إلى أمريكا للعمل بجامعة استاندفورد، ثم درس الأدب الروسي بجامعات بوسطن وهارفارد، كما نشر سنة 1944م دراسة معمقة عن "جوجول"، ولما حصل على الجنسية الأمريكية سنة 1945م، ثم تعيينه في جامعة كورنيل التي نشر منها عمله "الثلمة" وبدأ في كتابة سيرته الذاتية التي ظهرت سنة 1951م بعنوان "من الشاطئ الآخر.
سنة 1955 نشر روايته "لوليتا" التي منعت أول الأمر في أمريكا، وهذا ما حدا بنابوكوف إلى نشر رواية "ابنين" سنة 1957م. وفي سنة 1958م أصبحت رواية "لوليتا" كتاب الجيب في أمريكا، وباع حقوق تحويلها إلى فيلم بمبلغ 150 ألف دولار، وقد تفرغ في هوليوود سنة 1960م لكتابة سيناريو لهذا الفيلم، إلا أنه سافر لأوروبا 1962 حيث كتب "النار الخافت" ،وفي سنة 1969م كتب أطول رواياته "آدا".
لوليتا رواية للكاتب الروسي فلاديمير نابوكوف، باللغة الإنجليزية؛ نشرت عام 1955 في باريس و 1958 في نيويورك. وقد ترجمها لاحقاً مؤلفها الروسي إلى اللغة الروسية. أبرزت الرواية مواضيع مثيرة للجدل، فبطل الرواية همبرت همبرت هو أستاذ أدب في منتصف العمر مريض بشهوة المراهقين، يرتبط بعلاقة جنسية مع دولوريس هيز ذات الـ 12 عاماً بعد أن يصبح زوج أمها. "لوليتا" هو لقب دولوريس الخاص.
تميّز هذا الكتاب أيضاً لأسلوب الكتابة. فالسرد كان ذاتياً بحتاً، حيث يروي همبرت مقاطع مجزأة من ذكريات، موظفاً في ذلك أسلوباً نثرياً متطوراً، في الوقت الذي يحاول فيه كسب تعاطف القارئ من خلال صدقه وأحزانه، على الرغم من أنه قبل نهاية القصة بقليل وصف نفسه بأنه مهووس حرم دولاريس من طفولتها، ثم أشار بعد ذلك بقليل إلى أن "أكثر الأمور بؤساً في الحياة الأسرية أفضل من المحاكاة الساخرة لزنا المحارم الذي كان يتشاركه مع دولاريس. بعد نشرها، حققت رواية لوليتا مكانة كلاسيكية وأصبحت إحدى أفضل وأشهر الأمثلة المثيرة للجدل في أدب القرن العشرين. دخل الاسم الثقافة الشعبية لوصف الفتاة التي تنضج جنسياً قبل الأوان. أنتج ستانلي كوبريك الرواية كفيلم سينمائي عام 1962، ثم أنتجها أدريان لين مرة أخرى سينمائياً عام 1997. كما عرضت أكثر من مرة على خشبة المسرح، وأنتج عنها أوبراتين وعرضي باليه وعرض موسيقي فاشل على مسرح برودواي.

أدرجت رواية لوليتا في قائمة تايمز لأفضل 100 رواية باللغة الإنجليزية من 1023 حتى 2005. وقد احتلت المرتبة الرابعة في قائمة المكتبة الحديثة لعام 1998 لأفضل 100 رواية في القرن العشرين. كما أدرجت في قائمة أفضل 100 كتاب في كل العصور.
لينك للتحميل

الثلاثاء، 15 أبريل 2014

الكتاب الحادى و الثلاثون : في انتظار جودو

صمويل باركلى بيكيت (Samuel Barclay Beckett) ولد في مدينة دبلن أيرلندا) في 13 إبريل عام 1906. هو كاتب مسرحي وروائي وناقد وشاعر أيرلندي. أحد أشهر الكتّاب الذين ينتمون للحركة التجريبية الأدبية في القرن العشرين ولحركة حداثة الانجلو. وكان رمز من رموز مسرح العبث وأحد أكثر الكتاب تأثيراٌ في عهده. كان يكتب أعماله باللغتين الفرنسية والإنجليزية. شهد وجود الروائي الشهير جيمس جويس (James Joyce). وعمله الأكثر شهرة في انتظار غودو (Esperando a Godot). تتميز أعماله وتعتمد وبشكل كبير علي الكأبة والسواد وتتجه دائماً نحو البساطة ووفقا لبعض التفسيرات لنوعية اعماله فهو بالفعل يميل إلى التشاؤم حول وضع الإنسان. وهكذا ومع مرور الوقت أصبحت أعماله أكثر "في انتظار غودو" (بالإنجليزية: Waiting for Godot)، (بالفرنسية: En attendant Godot) هي كتبها الكاتب الآيرلندي صمويل بيكيت. وتدور ال حول رجلين يدعيان "فلاديمير" و"استراغون" ينتظران شخصا يدعى "غودو". وأثارت هذه الشخصية مع الحبكة القصصية الكثير من التحليل والجدل حول المعنى المبطن لأحداثها. وحازت على تقييم أهم عمل مسرحي في القرن العشرين باللغة الإنكليزية. وكان بيكيت قد ترجم النسخة الإنكليزية بنفسه بعد أن كان قد كتبها باللغة الفرنسية. وسمى العنوان الفرعي للنسخة الإنكليزية بـ"تراجيديا مضحكة من فصلين" وكتب النسخة الفرنسية ما بين 9 أكتوبر 1948 و29 يناير 1949 وكان افتتاح أول عرض في 5 يناير 1953 في مسرح بابلون من إخراج روجر بلين والذي قام بدور بوزوإيجازاً تدريجياً.
  تبدو مسألة الانتظار في مسرحية الكاتب الإيرلندي الشهير صموئيل بيكيت (في انتظار غودو) هي كلّ محتوى مسرح العبث. هي دون أدنى شكّ موضوعته الأساس، بل روحه بعبارة أدق. ومردّ كل هذا، ان الانتظار بحد ذاته عبث حقيقي خالص لا تشوبه شائبة، خاصة عندما يكون الشيء المنتظر لا وجود له أصلاً أو لا معنى له، بل لا هيئة له.
  فمن هو غودو هذا؟
  أهو المنقذ، أم الشافي أم من يجعل الحلم حقيقة؟ من هو؟ أهو الأمل، الفرح، السعادة؟ أهو الموت، الفراغ، اللاجدوى؟ من هو هذا القادم الذي يقضي أبطال بيكيت حياتهم في انتظاره دون جدوى، وسط يأس كامل، وطبيعة جرداء: أهو الطفل الذي جاء لهم بعدة أخبار متناقضة، مرّة يقول إنه سيجيء، ومرّة يقول إنه لن يجيء اليوم؟ أهو (بوزو) القوي المستعبد لـ (لاكي) المستعبد الراضي باستعباده؟
 من هو غودو: أهو الزمن الذي يحطم البشرية شيئاً فشيئاً، ويقودها، وهي ساهمة لاهية، لتشرب من كأس الموت؟ أم هو العبث: حيث لا شيء يحدث ولا أحد يجيء ـ كما تقول المسرحية ـ وحيث باطل الأباطيل باطل؟ ولماذا لا يجيء أبداً؟

  إن لغزية هذا القادم الذي لا يجيء أبداً وسرّيته وغرائبيته وابهامه المطلق قد ألقى بظلال عميقة على مسرح صموئيل بيكيت (1906 ـ 1989). فهو، أي غودو، قد نسف تقاليد الدراما المتعارف عليها، مثلما نسف تقاليد الحوار وتطور الحبكة المسرحية وصولاً إلى الذروة. هنا الحوار مقطوع، مبهم، مرتبك، لا يوصل رسالة ما، أي رسالة كانت. والمتحاورون لا يقولون شيئاً مفيداً. ربما لأنّ فاجعتهم، أعني حياتهم (التي هي حياتنا دون أدنى شك) أكبر من أن توصف، وأكبر من أن يُعثر لها على حلٍ ناجع. هكذا نراهم يتحدثون فقط، لتمضية الوقت انهم يتحدثون عن أيّ شيء كان ليقتلوا الصمت. فالصمت مرعب وسط طبيعة جرداء، والانتظار أكثر رعباً.
لينك لتحميل الكتاب :

الاثنين، 14 أبريل 2014

الكتاب الثلاثون : 1984

إريك آرثر بلير (بالإنكليزية: Eric Arthur Blair) الاسم الحقيقي لجورج أورويل (بالإنكليزية: George Orwell)، وهو الاسم المستعار له والذي اشتهر به (25 يونيو 1903 - 21 يناير 1950) هو صحافي وروائي بريطاني. عمله كان يشتهر بالوضوح والذكاء وخفة الدم والتحذير من غياب العدالة الاجتماعية ومعارضة الحكم الشمولي وإيمانه بالاشتراكية الديمقراطية. يعتبر القرن العشرين أفضل القرون التي أرّخت الثقافة الإنجليزية، كتب أورويل في النقد الأدبي والشعر الخيالي والصحافة الجدلية. أكثر شيء عرف به هو عمله الديستوبي رواية 1984 التي كتبها في عام 1949 وروايته المجازية مزرعة الحيوان عام 1945 والتين تم بيع نسخهم معا أكثر من أي كتاب آخر لأي من كتاب القرن الواحد والعشرون. كتابه تحية لكتالونيا في عام (1938) كان ضمن رصيد خبراته في الحرب الأهلية الإسبانية، والمشهود به على نطاق واسع على أنه مقاله الضخم في السياسية والأدب واللغة والثقافة. في عام 2008 وضعته صحيفة التايمز في المرتبة الثانية في قائمة "أعظم 50 كاتب بريطاني منذ عام 1945" استمرت تأثير أعمال أوريل على الثقافة السياسية السائدة ومصطلح أورويلية الذي يصف ممارسات الحكم الاستبدادي والشمولي والتي دخلت في الثقافة الشعبية مثل ألفاظ عديدة أخرى من ابتكاره مثل الأخ الأكبر، التفكير المزدوج، الحرب الباردة وجريمة الفكر وشرطة الفكر.
1984 رواية ديستوبية من تأليف جورج أورويل قدمها في عام 1949 والتي كان يتنبأ من خلالها بمصير العالم الذي ستحكمه قوى كبيرة تتقاسم مساحته وسكانه ولا توفر أحلامهم وطموحاتهم بل تحولهم إلى مجرد أرقام في جمهوريات الأخ الأكبر الذي يراقب كل شيء ويعرف كل شيء، حيث يمثل حكمه الحكم الشمولي.
لقد وصف جورج أورويل بشكل دقيق تحول القيم البشرية إلى أشياء هامشية ومن ثم سطوة الأحزاب السلطوية والشمولية على الناس والشعوب ليكونوا مجرد أرقام هامشية في الحياة بلا مشاعر ولا عواطف وليس لديهم طموحات أو آمال، حيث يعملون كالآلات خوفا من الأخ الأكبر ولينالوا رضاه لأنه يراقبهم على مدار الساعة.
كما كانت هذه الرواية في وقت من الأوقات تعد ثورية وخطرة سياسياً مما أدى إلى منعها من المكتبات في عدد من الدول التي كانت محكومة بحكومات شمولية كروسيا وحتى غيرها من الدول.
هذا وقد اختارت مجلة التايم الرواية كواحدة من أفضل مائة رواية مكتوبة بالإنجليزية منذ عام 1923 وحتى الآن. وقد تم ترجمتها إلى 62 لغة.
تدور أحداث رواية 1984 في (المستقبل) بمدينة لندن عام 1984 حيث وينستن سميث موظف ذو 39 عاماً من العمر وهو يعمل موظفاً في وزارة الحقيقة أي أنه صحفي يراقبه رجال الشرطة ويراقبه جيرانه رغم أنه ليس مجرماً وليس ملاحقاً ولكن الرقابة نوع من السلوكيات اللاإرادية التي يقوم بها الجيران ضد جيرانهم لذلك يصبح سميث تحت عين أوبرين صديقه وعضو الحزب الذي يراقبه عن كثب.
يميل سمث إلى زميلته في العمل جوليا التي ترتدي حزاماً قرمزياً الذي يرمز إلى عضويتها في الاتحاد ضد الجنس الآخر والقاسم المشترك بينها وبين سميث هو كره الحزب الذي يمنعهما من الالتقاء أو الزواج ولكنهما يلتقيان سراً، وعندما يكتشف امرهما يرسلان إلى وزارة الحب التي هي نوع من مراكز التأهيل للعودة إلى حياة الوحدة دون حب الآخر ويفصل سميث عن جوليا، بل يتعرض لتعذيب نفسي شديد وعبر صور مرعبة وتحت هذا الضغط الشديد يصرخ سميث مطالباً بمعاقبة جوليا حبيبته.
وضع أورويل في 1984 بعض الرموز منها حزام سكارليت ـ وهو شعار اتحاد ضد الجنس الآخر يرتديه اعضاء الحزب ليعطيهم شعار العزوبية ولكنهم مشوشون من الداخل، كما هناك الرمز 101 وهي غرفة تعذيب نهائية في مركز التأهيل بوزارة الحب ويقابلها وزارة الحقيقة وجميعها رموز وهمية لسلب الإنسان إنسانيته وتحويله إلى رقم في قطيع بشري.

تقوم وزارة الحقيقة بواسطة كادرها الكبير بتغيير البيانات والمعلومات الموثقة على مدار الساعة لتتماشى مع إستراتيجية وأهداف الحزب والحكومة بقيادة الأخ الأكبر!. فهناك موظفون يقومون بحذف كل تلك الوعود المحرجة من الأرشيفات الصحفية، واستبدالها بتنبؤات مذهلة..
لينك لتحميل الكتاب :

الأحد، 13 أبريل 2014

الكتاب التاسع و العشرون : الغريب

ألبير كامو (7 نوفمبر 1913 - 4 يناير 1960) فيلسوف وجودي وكاتب مسرحي وروائي فرنسي-جزائري , ولد في قرية الذرعان بالجزائر، من أب فرنسي، وأم أسبانية، وتعلم بجامعة الجزائر، وانخرط في المقاومة الفرنسية أثناء الاحتلال الألماني، وأصدر مع رفاقه في خلية الكفاح نشرة باسمها ما لبثت بعد تحرير باريس أن تحولت إلى صحيفة Combat "الكفاح" اليومية التي تتحدث باسم المقاومة الشعبية, واشترك في تحريرها جان بول سارتر. ورغم أنه كان روائيا وكاتبا مسرحيا في المقام الأول, إلا أنه كان فيلسوفا. وكانت مسرحياته ورواياته عرضا أمينا لفلسفته في الوجود والحب والموت والثورة والمقاومة والحرية، وكانت فلسفته تعايش عصرها، وأهلته لجائزة نوبل فكان ثاني أصغر من نالها من الأدباء. وتقوم فلسفته على كتابين هما ((أسطورة سيزيف)) 1942 والمتمرد1951 أو فكرتين رئيسيتين هما العبثية والتمرد ويتخذ كامو من أسطورة سيزيف رمزاً لوضع الإنسان في الوجود، وسيزيف هو هذا الفتى الإغريقي الأسطوري الذي قدّر عليه أن يصعد بصخرة إلى قمة جبل، ولكنها ما تلبث أن تسقط متدحرجة إلى السفح, فيضطر إلى إصعادها من جديد, وهكذا للأبد، وكامو يرى فيه الإنسان الذي قدر عليه الشقاء بلا جدوى، وقُدّرت عليه الحياة بلا طائل, فيلجأ إلى الفرار أماإلى موقف شوبنهاور : فطالما أن الحياة بلا معنى فلنقض عليها بالموت الإرادي أو بالانتحار، وإما إلى موقف اللآخرين الشاخصين بأبصارهم إلى حياة أعلى من الحياة, وهذا هو الانتحار الفلسفي ويقصد به الحركة التي ينكر بها الفكر نفسه ويحاول أن يتجاوز نفسه في نطاق ما يؤدي إلى نفيه, وإما إلى موقف التمرد على اللامعقول في الحياة مع بقائنا فيها غائصين في الأعماق ومعانقين للعدم, فإذا متنا متنا متمردين لا مستسلمين. وهذا التمرد هو الذي يضفي على الحياة قيمتها, وليس أجمل من منظر الإنسان المعتز بكبريائه, المرهف الوعي بحياته وحريته وثورته, والذي يعيش زمانه في هذا الزمان : الزمان يحيي الزمان.
الغريب (بالفرنسية: L'étranger) رواية للكاتب الفرنسي ألبير كامو، صدرت سنة 1942. تنتمي إلى المذهب العبثي في الأدب. وهي جزء من سلسلة دورة العبث التي تتكون من سلسلة مؤلفات و هي رواية (الغريب)، مقال (أسطورة سيزيف) ومسرحيتان (كاليغولا وسوء المفاهمة) تصف جميعها أسس الفلسفة الكأموية : فلسفة العبث. تمت ترجمة الرواية إلى أربعين لغة.
لقد اختار( كامو) لطرح فكرته عن كارثة هذا الرجل الهش ، الذي نجده في الحياة بشكل متكرر ووافر ، وقد يتوزع في أجزاء من الوجوه والشخصيات ، ليجعل روايته بسيطة في طرحها المباشر ، عميقة في تأطير وتعميق ورسم أبعاد هذه الشخصية ، المعقدة والغريبة ، فبطل القصة ، والسارد بصيغة ضمير المتكلم ( أنا) ، ( ميرسول ) ، رجل (غريب) الطباع ، و(الغريب) كما يظهر من عنوان الرواية من الغرابة وليس من الغربة ، فالكلمة (غريب ) لاتحيل المتلقي إلى معنى الغربة، بمفهومها الاجتماعي أو المكاني ، بل تستند للبعد النفسي ( الغرابة) ، فـ (ميرسول) شخص غريب أي خاص ومختلف ، وليس مميزا ، ولامبهرا ، ولاناجحا فهو موظف بسيط ، اضطر إلى وضع أمه في الملجأ ،لأنه لايستطيع رعايتها ، وتحمل نفقاتها ، كما أن عمله لايسمح له بالجلوس مدة طويلة معها ،فهو إذن لم يختر هذا الجزء من حياته ، ولم يرتب له ،فالظروف كانت سببا في ذلك ، ولكونه فقيرا ووحيدا ،وضعها في الملجأ ، فكونها أصبحت في الملجأ جاءت نتيجة فقط ، والنتيجة دائما حتمية للسبب ، وغير قصدية وهذا ماكان ، وهو لافرق لديه فلو كان يملك المال لفعل غير ذلك ، فلربما أبقاها معه ، أو استأجر من يقوم بخدمتها ، ولكنه لايملك .
ثم تموت هذه الأم ، ويكون لزاما عليه أن يحضر مراسم دفنها ، وهو ليس لديه مشكلة مع موتها ، لأن هذا ماكان سيحدث يوما ما ، كما أن هذا التوقيت في الموت ليس أسوء من غيره ،ولم يرغب بان يرى وجه أمه قبل الدفن ، بل دخن سيجارة عند جثمانها ، ثم نام حتى الصبح ، كما أرهقته فكرة الدفن ، والجنازة، ففيها مشقة كبيرة خاصة وان الجو حار ، ولكن هكذا كان الدارج في دفن الموتى .
لقد تجاوز ميرسول الإحساس المباشر بالأشياء ، كما تجاوز فكرة الثقل الشعوري ، كالحب الشديد والحزن الشديد ، فهو لاشك حزين على موت أمه بالدرجة التي كان يحبها ، ولكن بالمستوى الأفقي من الشعور ، وبلا شدة واحتدام عاطفي يجعل رتم حياته السائد والعادي يتغير .
ففي نفس الليلة يتعرف على (ماري ) الفتاة التي كانت تربطه شبه علاقة بها ، منذ مدة ، فيقضي معها وقتا ممتعا ، بأن يذهب معها للاستحمام ثم يذهبان للسينما .. ولكنه مع هذا لايشعر أنه يحبها. ( وبعد هنيهة سألتني ما إذا كنت أحبها ، فأجبتها أن لامعنى لذلك ، لكن يبدو لي أنني لااحبها ) ، مع أن وجوده معها يشعره بنوع من الراحة ، لكن ربما يحصل ذلك مع وجود أي امرأة أخرى .
فكأن هذا الكائن قد تخلص بوعيه الحسي ، ومأساة مشاعره المتأصلة عميقا في ماضيه ، وفجوات عمره المليئة بالحزن والأسي، من القوة والاندفاع الشعوري ، ومن اللاعادي في مستوى العاطفة ، وفي تذوقه للأشياء ، فلم يعد قادرا على الوصول بذاته لمرحلة القوة في الاختيار، والتفرد في الشعور ، فكل الأشياء سواء .
وحتى حين تعرض عليه ماري الزواج يكون رده عاديا ” فقلت أن لاأهمية لذلك ، وأن في الإمكان أن نتزوج فيما إذا ترغب في الزواج” .
وهكذا يدور القسم الأول من الرواية الذي يتألف من ست فصول في تفصيل سردي دقيق أشبه برسم فنان دقيق ، لايغفل أيا من التفاصيل الدقيقة ، والحيثيات الحياتية البالغة الدقة في الوصف ، مثل الملابس والوجوه ، وتفاصيل اشتباكات جيرانه (سالامانو) العجوز مع كلبه ، وريمون مع نسائه ، أو حدة طباع صاحب العمل ، مما يبرز قوة السرد في رسم مشاهد الأحداث بدقة ، وتحديد ملامح هذا الكائن كثير الغياب ، والذي يواصل تأملاته في تفاصيل الأشياء كما هي ، في انسجام تام مع وجودها الطبيعي ، وموقعه منها الذي لايهتم لتغييره مثلا .
ثم يريد كامو لهذا الكائن المحكوم بالهشاشة والضعف والوعي الذي انتزع منه كل درجات الاختيار، أن يتصاعد في تلاشيه في اللامعقول والعبثية واللاجدوى ، حيث في القسم الثاني من الرواية يحصل على عزومة من جارة (ريمون ) لقضاء وقت مع أسرة صديقه في جزيرة بصحبة (ماري) ، وفي تلك الجزيرة يستمتع (ميرسول) بأن يعيش الحياة بشكل آخر في التشمس ، والحب والأكل ، والصداقة ، والاستمتاع بالطبيعية ، ولكن بلا تصاعد في حدة ووتيرة شعوره العادي أيضا .
غير أن مجريات الأحداث تسير به نحو بؤرة العمل الروائي ( القتل ) ، فصديقه (ريمون) كان قد تورط في مشاجرة بسبب امرأة ، فيتبعه شقيق تلك الفتاة متوعدا إياه ، وفي لحظة من الغياب واللاحضور ، يقرر ميرسول تخليصه منه فيطلق بطريقة غريبة على ذلك الرجل رصاص الموت ، وكأنه يقرر في لحظة ما أن يقرر .. أن يختار .. أن يفعل شيئا ما .
فيدخل ميرسول السجن ، وهو غير مدرك أن مافعله كان مختلفا هذه المرة ، فما فعله لم يكن مقصودا حقا ، قتل الرجل لأنه خاف أن يقتله أو يقتل صديقه ، لقد قتله باعتيادية وتدفق للأفعال الطبيعية بلا اختيار ، كما كان يأكل حين يجوع ، و ينام حين يتعب .
يبدأ مشواره في السجن ، ويبدأ في وصف تفاصيل المحاكمات ، وكأنه خارج الحدث ( القتل ) ، كما يصف السجن مأتلفا تماما مع مكانه الجديد ، كأن لاقدرة له على الرفض والتذمر ، والكره والحقد ، والرغبة في الحرية والسعادة . ” وجدت نفسي أفكر بماري .. وقلت في نفسي إنها ربما تعبت من كونها حبيبية شخص محكوم بالإعدام ، كما فكرت أيضا بأنها ربما كانت مريضة ، أو أنها ماتت .. وذلك من طبيعة الأشياء .. ومنذ تلك اللحظة أصبح تذكاري لماري غير ذي اعتبار عندي ، وحتى لو ماتت فإن موتها لايهمني ، لقد وجدت ذلك أمر طبيعي ، كما أدركت جيدا كيف أن الناس سوف ينسونني بعد موتي ، إذ لاشأن لهم بي ، إذ ذاك ، حتى أنه ليس في مقدوري القول بأن من القساوة التفكير في مثل ذلك . ”
ويأتي الحكم عليه بالإعدام ،ليجد لديه نوع من التبرير لهذا الحادث المروع للآخرين ، إلا أنه يرفض الكاهن ، و يقرر أن يحتفي بالموت الذي اعتبره الخلاص من حياة قاسية ومؤذية ولم يحقق فيها ما يريد ، اعتبر الموت هو الحياة القادمة والأجمل ، ” لقد عشت بطريقة معينة ، وكان بإمكاني أن أعيش بطريقة أخرى .. كنت طيلة الوقت كأني أنتظر هذه الدقيقة وهذا الفجر .. لاشيء لاشيء اطلاقا كان ذا أهمية عندي ، وكنت أدرك ذلك جديدا … فيم يهمني موت الآخرين أو محبة الأم .. ولسوف يحكم على الآخرين أيضا بالإعدام ذات يوم ، وهو أيضا سوف يساق إلى الموت .. إن كلب سالامانو كان أكثر قيمة من زوجته .. والفتاة الآلة كانت مذنبة كالباريسية التي تزوج منها ماسون ، أو كماري التي كانت راغبة في الزواج مني .. وماذا يهم إذا كان ريمون صديقي ، مثل سيليت الذي يفضله بكثير ، وماذا يهم إذا ماسلمت ماري ثغرها اليوم إلى ” موريو” ……”
إن هذا التساوي يهبنا الدلالة الأبعد للفكرة الألم ( كارثة الوعي ) التي تتفرع في جزيئاتها المتفرقة عن فكرة الحزن الذي يسود الكائن كله ( عذابات الكائن الهش ) ، مساويا لديه موازين الكائنات ، ويشمله باعتيادية الفقد ، والتماهي مع أبعاده القاسية ، فلاشيء يستحق مرارة البحث ، أو حرارة نضج العاطفة، وبلوغها مدارات الاكتمال ، ولا الوقوف عند مثاليات الخصب الروحي المتمثلة في القيم السامية .
فلا رهانات مسبّقة ، ولا حقائق ثابتة ، تجعل هذا الكائن المبتلى بالجزع والخوف من الانتهاء القريب ، يتمسك في تلابيب حياة ناقصة أصلا ، بل لعل هذا القرار الفجائي الفجائعي يكون أكثر رأفة ورحمة ، من ذلك التمدد الفج على مداخل ناقصة للحياة ، وللكائنات وللأشياء ، ليأتي الموت حالة من السلام ، والرحمة تشمل هذا الكائن ، وتفجر داخله ينابيعا من الأمل في الآتي المجهول ، فهي مغامرة جديدة ، وبعيدة عن تكرارات طويلة .. ” وقد شعرت بأنني كنت سعيدا ، وبقيت سعيدا ، تأكيدا مني للتشابه ، بل للإخاء القائم بيني وبين لامبالاة العالم ، ومن اجل انتهاء كل شيء .. ثم من أجل الشعور بأنني كنت أقل وحدة وانعزالا ، كان عليّ ، أن أتمنى لو يكثر المتفرجون ، يوم تنفيذ حكم الإعدام بي ، ولو يتلقونني بأصوات الحقد والضغينة ”
وهكذا استطاع كامو أن يجسد هذه الفكرة الوجودية المحضة ، عبر وسيط الكائن الهش ، ليحقق بين الثالوث المتكون جبرا لذة التلاقي الحي ، لاغيا الحواجز بين رفعة الموت حين يجئ مفاجئا ، وبين رمادية الحياة حين تنزح للحيلولة دون الكائن وإنسانيته ، التي تصادرها الكائنات والأشياء الجبرية سماوية كانت أو أرضية .
إن هذه الفكرة لا تتطلب الترويح لها ، لكونها قائمة حقا في عصر المادة الذي تعيشه الكائنات الآن ولو في بعض جزئيات من الزمن والفكرة ، فتناول البير كامو لها في قالب فني روائي ، يهدف تقديم عمل متفرد، يمثل تجسيدا مشغولا بعناية ، لما تقدمه هذه التجربة / الحالة في مؤداها الشعوري المؤذي في نهاية الأمر ، من اندياحات للموت الشعوري البطئ ، والتجمد العاطفى طويل المدى .
إنه يهدف لجعلنا نعايش اضطراب هذه الشخصية وأوجاعها ، لبيان الفخ العبثي الذي قد يصل له الكائن في لعبته الموجعة (الحياة) ، من أجل رفض الانحدار التدريجي لتلك الهوة ، و الانتصار عليها من خلال التشبث بالأمل ومقاومة دواعي الانجراف ، ولذلك كانت هذه الرواية من أسباب وصول ( كامو) لنوبل .
لينك للتحميل :


السبت، 12 أبريل 2014

الكتاب الثامن و العشرون : رحلات جليفر

جوناثان سويفت (1667-1745) هو أديب وسياسي إنكليزي-إيرلندي عاش بين القرنين ال17 وال18 للميلاد واشتهر بمؤلفاته الساتيرية (السخرية) المنتقدة لعيوب المجتمع البريطاني في أيامه والسلطة الإنكليزية في إيرلندا.
أهم مؤلفاته وأشهرها هي "رحلات جلفر" (أو "رحلات غوليفر") الذي نشره في 1726 والتي تضم أربعة كتب تصف أربع رحلات خيالية إلى بلدان نائية غريبة تمثل كل واحدة منها حيثية للمجتمع البريطانية.
ومن مؤلفاته المشهورة الأخرى:
"حرب الكتب" - "خرافة مغطس"  - "اقتراح متواضع" - "رسائل تاجر الأقمشة"
ولد سويفت في 30 نوفمبر 1667 في العاصمة الإيرلندية دبلن لوالدين بروتستانيين من أصل إنكليزي، أما أبوه فقد مات قبل ولادته. لا يعرف عن طفولته إلا القليل ولكن يبدو من بعض الموارد أن أمه عادت إلى إنكلترا بينما بقي جوناثان سويفت مع عائلة أبيه في دبلن، حيث اعتنى عمه غودوين بتربيته.
في 1686 حاز سويفت على مرتبة بكالوريوس من جامعة ترينيتي في دبلن، وبدأ دراساته لمرتبة ماجيستير إلا أنه اضطر إلى ترك الجامعة بسبب أحداث "الثورة المجيدة" التي اندلعت في بريطانيا في 1688. في هذه السنة سافر سويفت إلى إنكلترا حيث دبرت أمه من أجله منصب مساعد شخصي لويليام تمبل الذي كان من أهم الديبلوماسيين الإنكليز، غير أنه قد تقاعد عن منصبه عندما وصل سويفت إليه، واهتم بكتابة ذكرياته. مع مرور ثلاث سنوات لشغله كمساعد لتمبل، تعززت ثقة تمبل بمساعده حتى أرسله إلى الملك البريطاني ويليام الثالث لترويج مشروع قانون كان تمبل من مؤيده.
رحلات جوليفر أشهر أعمال الكاتب جوناثان سويفت (1667-1745 م)، الذي يعده الكثير أعظم مؤلف ساخر إنجليزي. تروي القصة حكاية لومويل جليفر وهو طبيب إنجليزي بارد الأعصاب، ونادراً ما يبدي أي انطباع شخصي أو استجابة عاطفية عميقة.
ويبدأ الجزء الأول برحلة إلى ليليبوت وهي من 4 أيار 1699 الى 13 نيسان 1702 وفيها جليفر جراحًا على سفينة تتجه إلى الشرق تسمي (THE cantaLOP)، فواجهت السفينة عاصفة حطمتها. لكن جليفر قد نجا من العاصفة ووصل إلى أرض نام فيها، اكتشف فيما أنها أرض لأقزام متوسط طول الواحد منهم 15 سم. قام الأقزام بحبسه وأطعموه، ثم تعلم جليفر لغتهم وزار عاصمتهم، ثم أطلعه أحد مستشاري الملك على المشاكل في ليليبوت .
والجزء الثاني هو رحلة إلى بروبدنغناغ وفيها غادر غوليفر إنجلترا مرة أخرى في رحلة تتجه إلى الهند حتى وصلوا إلى شمال جزيرة مدغشقر فواجهتهم عاصفة شديدة حتى جرفتهم عن المسار فرأى أحد البحارة أرض فنزل غوليفر والبحارة للبحث عن الماء ثم اكتشف أنها أرض للعمالقة تُسمى بروبدنغناغ فوقع أسيراً في أيدي سكانها من العمالقة وبدا بينهم قزمًا، لا يزيد طوله على بضع بوصات. وكانت تخفيه الزنابير التي في حجم العصافير، والكلاب التي في حجم الخيول، ودارت معركة بينه وبين أحد الفئران. وفي النهاية تمكن من الفرار وعاد إلى إنجلترا ليقوم برحلات عجيبة.
و الجزء الثالث: رحلة إلى لابوتا وبالنباربي وغلوبدوبدريب واليابان .
و الجزء الرابع: رحلة إلى دولة هويهنهنمس
لينك للتحميل :
https://www.dropbox.com/sh/gs16aj1oypis0uq/yey1qsvKr8

الجمعة، 11 أبريل 2014

الكتاب السابع و العشرون : السيدة دالاوي

اديلين فيرجينيا وولف 25 يناير 1882 — 28 مارس 1941 أديبة إنجليزية، اشتهرت برواياتها التي تمتاز بإيقاظ الضمير الإنساني, ومنها :السيدة دالواي, الأمواج, تعد واحدة من أهم الرموز الأدبية المحدثة في القرن العشرين.
هي روائية إنجليزية، ومن كتاب المقالات. تزوجت 1912 من ليونارد وولف، الناقد والكاتب الاقتصادي، وهي تعد من كتاب القصة التأثيرين. كانت روايتها الأولى ذات طابع تقليدي مثل رواية «الليل والنهار» 1919، واتخذت فيما بعد المنهج المعروف بمجرى الوعي أو تيار الشعور، كما في "غرفة يعقوب" 1922، و«السيدة دالواي» 1925 و«إلى المنارة» 1927، و"الأمواج" 1931، ولها روايات أخرى ذات طابع تعبيري، منها رواية «أورلاندو» 1928 و«الأعوام» 1937، و«بين الفصول» 1941. اشتغلت بالنقد، ومن كتبها النقدية «القارئ العادي» 1925، و«موت الفراشة ومقالات أخرى» 1943. كتبت ترجمة لحياة «روجر فراي» 1940، وكتبت القصة القصيرة، وظهرت لها مجموعة بعنوان الاثنين أو الثلاثاء 1921 انتحرت غرقاً مخافة أن يصيبها انهيار عقلي.
ولدت أدلين فيرجينيا ستيفن عام 1882 في كنف عائلة ذات ارتباط وثيق بالأدب. وحينما توفيت والدتها، أصيبت فيرجينيا وكانت في الثالثة عشرة من عمرها بانهيار عصبي كان الأول لعدة أزمات بعدها. وبعد وفاة والدها عام 1904 انتقلت فيرجينيا مع أخويها وأختها إلى بيت بلومبزبيري. وبات الأشقاء محورا لمجموعة استثنائية من الكتاب والفنانين دعاها النقاد آنذاك بمجموعة بلومبزبيري.
بعد مضي عام على سكنهم الجديد، بدأت فيرجينيا بتقديم عروض الكتب في إحدى الصحف ومن ثم العمل لملحق تايمز الأدبي. أما روايتها الأولى «رحلة إلى الخارج» التي أنجزتها عام 1913 لم تنشر إلا بعد عامين بسبب وضعها الصحي. في الثلاثين من عمرها تزوجت من ليونارد وولف، وهو منظر سياسي عمل سابقا في الخدمة المدنية في سيريلانكا. قرر الزوجان أن يكون مصدر دخلهما من الصحافة والنشر، وبعد خمسة أعوام أسس ليونارد عمله في النشر وأحضر آلة طباعة يدوية كانت سابقة من نوعها آنذاك، واستقرا في بيت هوغارث في ريتشموند التي اختارها ليونارد آخذا في الاعتبار حالة فيرجينيا الصحية.
وفي 28 مارس 1941، ملأت فيرجينيا جيوبها بحجارة ثقيلة وسارت إلى نهر أوس بجوار سكنهما في ساسكس وأغرقت نفسها. وذكرت في الرسالة التي تركتها لزوجها، «بت أسمع أصواتا في عقلي ولم أعد أستطيع التركيز في عملي. أدين لك بكل سعادتي، لكنني لا أستطيع الاستمرار والتسبب في إفساد حياتك». ومن أهم رواياتها «ليل ونهار» ونشرت عام 1919 و«الإثنين والثلاثاء» عام 1921 و«غرفة يعقوب» عام 1922 و«نحو المنارة» عام 1927 و«الأمواج» عام 1931.
أما أهم أعمالها فهي رواية «السيدة دالاوي» التي تندرج ضمن حركة الكتاب الأدبية في أوائل القرن العشرين حيث يتم التعبير بالكلمات عن أفكار ومشاعر الشخصيات، وتهدف هذه التقنية إلى إعطاء القارئ الانطباع بأنه يعيش داخل فكر تلك الشخصيات. كما قدمت فيرجينيا من خلال روايتها تلك أسلوبا جديدا في اللغة والسرد. وعملها هذا، بمثابة لوحة موزاييك لعوالم مجموعة من الشخصيات من خلال الانتقال بين الداخل والخارج ومن الحاضر إلى الماضي وبالعكس عبر تداخل نسيج السرد.
كل ذلك من خلال تقديمها لصورة حية ليوم واحد في حياة سيدة تدعى كلاريسا دالاوي في الخمسينات. في البداية تعد كلاريسا التي تعافت مؤخرا من مرضها، اللمسات الأخيرة لحفل تقيمه في تلك الليلة. تبدأ بالقيام بجولة في لندن لشراء زهور الحفل. وخلال فترة الصباح تعود كلاريسا إلى ماضيها بما في ذلك قرارها بالزواج من ريتشار دالاوي قبل 30 عاما بدلا من صديقها المحب بيتر وولش.
بعد تركها في محل الأزهار، تنتقل الراوية إلى أحداث قصة ثانية تبدأ مع سيبتيموث سميث، الذي يعاني من صدمة نفسية لتبعات الحرب، ويكون بصحبة زوجته لوكريزيا. وحينما تطلق إحدى السيارات العابرة صوتا يشبه الطلقات النارية، يشكل هذا الأمر حدثا كبيرا في المنطقة المحيطة بتلك السيارة الفارهة، وفي حين يصاب هو بجمود الرعب وعودته إلى ساحة الحرب وتعكس وولف من خلال ردود أفعال بعض الأفراد في الطريق ومنهم كلاريسا رؤيا نقدية للمجتمع الانجليزي بمختلف فئاته. تعود كلاريسا إلى منزلها، وتبدأ بتذكر صديقتها الأقرب إلى نفسها في مرحلة الشباب سالي سيتون، التي تميزت بالتمرد والجموح وبجميع الصفات التي تخفيها كلاريسا. وتسترجع بسعادة ذكريات تلك الصداقة المتينة.
تبدأ كلاريسا بإصلاح ثوبها الحريري الأخضر الذي سترتديه في الحفل، حينما تتلقى زيارة مفاجئة من بيتر وولش حبيبها السابق الذي عاد من الهند بعد مضي خمس سنوات. وتتذكر ما قاله لها بيتر في يوم ما في لحظة غضب ويأس بأنها يوما ما ستصبح سيدة صالون من الطراز الأول. واتضح لها مع مضي الزمن صحة نبوءته العابرة.
يتحدث الاثنان ببساطة عن الحاضر، وإن كان الاثنان يفكران بالماضي والقرارات التي أوصلتهم إلى ما هم عليه الآن، وحينما يبدآن بالحديث عن المشاعر تدخل إليزابيت ابنة كلاريسا الشابة فينهي بيتر زيارته وينسحب.يذهب إلى الحديقة لتمضية الوقت حيث كان سيبتيموث مع لوكريزيا يتجادلان بحدة عن الانتحار، في حين يبدوان لبيتر مجرد شابين عاشقين من دون إدراكه لعمق مشاعرهما أو حالة الشاب غير المستقرة.
كان الشابان متوجهي ن إلى موعدهما مع الطبيب الأخصائي بالأمراض العصبية الشهير، سير ويليام برادشو الذي ينفي جنونه ويقترح عليه الاستجمام في إحدى مصحاته حتى يتعافى من حالة الانهيار العصبي ويصر على أن يكون بمفرده.
وفي تلك الأثناء يكون ريتشارد زوج كلاريسا، بصحبة عدد من الأصدقاء في بيت السيدة براتون يتناولون الغداء. تشعر كلاريسا بالضيق لعدم دعوتها بصحبة زوجها، وترى في ذلك إنقاصا من مكانتها على الصعيد الاجتماعي والفكري. يشعر ريتشارد خلال الدعوة بتوق لزوجته وبحاجة ملحة للبوح بحبه لها. وللأسف لا يتمكن من الإفصاح عن مشاعره لاسيما وقد مضى سنوات على ذلك.
تتوجه كلاريسا لرؤية ابنتها التي تأخذ درسا مع معلمة التاريخ دوريس كليمان. ويتجلى احتقار كل منهما للأخرى وبدوافع مختلفة فكلاريسا ترى في دوريس دونيتها ومحاولتها سلبها ابنتها والأخرى ترى فيها سلوكيات البرجوازية التافهة وثرائها مقابل فقرها. يعود سيبتيموث وزوجته إلى شقتهما بانتظار وصول مرافقي المصحة ويعيشان في ألفة افتقدتها لوكريزيا من تدهور حالته وتقرر مرافقته إلى المصحة. ولكن حينما يصل المرافقون يقرر الشاب الهرب منهم، وعلى الرغم من عدم رغبته في الموت إلى أن حاجته إلى الهرب كانت أقوى وبذا يرمي نفسه من النافذة ليفارق الحياة.

تلتقي كلاريسا خلال حفلها، بعدد من أشباح الماضي بما فيهم بيتر وسالي. وفي وقت متأخر يصل سير ويليام برادشو وزوجته التي تعتذر لكلاريسا ساردة عليها قصة الشاب الذي انتحر برمي نفسه من النافذة. وحينما ينتهي الحفل تشعر كلاريسا للمرة الأولى بإحباط شديد من النجاح الذي حققه حفلها.
لينك للتحميل :


الأربعاء، 9 أبريل 2014

الكتاب السادس و العشرون : موبي ديك

موبي ديك هي رواية من تأليف الروائي الأمريكي هيرمان ملفيل أصدرت في 18 أكتوبر 1851، تدور حول صراع تراجيدي بين حوت وإنسان تتخذ من هذا الصراع الضاري وسيلة لتأمل الوضع البشري وعلاقته بالوجود كما تحوله إلى كيان رمزي معقد وحكاية الليغورية عن كيفية العيش مطلق عيش وعن المشروع الاميركي الذي وجد في عمل ملفيل شكلا من اشكال التعبير عن نفسه في منتصف القرن التاسع عشر أي حين كانت اميركا تكتشف ذاتها كقوة كونية وامبراطورية إمبريالية أمريكية بالقوة والإمكان. فكانت رواية موبي ديك وروايات ملفيل الأخرى بمثابة نبوءة لما ستصير اليه هذه القوة الكامنة.
تحتل القصة مكانة مرموقة بين كلاسيكيات الأدب العالمي، فهي إضافة إلى كونها الملحمة الكبرى المكتوبة حول صراع وتحدي بين حوت وإنسان، الا انه مر على صدور "موبي ديك" للمرة الأولى زهاء المئة وخمسين عاما لاقت الرواية خلالها من الاهمال ما جعل نفس كاتبها تمتلئ باليأس والاحساس بالعجز ليصرف بقية حياته موظفا في سلك الجمارك الاميركية ويموت مهملا مجهولا في العقد الأخير من القرن التاسع عشر. ولم يلتفت إلى الرواية وينظر إليها بصفتها أحد الكتب العظيمة سوى عام 1907 أي بعد وفاة صاحبها بستة عشر عاما، عندما تم ادراجها ضمن سلسلة "ايفري مان لايبراري" الشهيرة التي تنشر الكلاسيكيات الكبرى ولم يهتم النقد بالرواية الا في العشرينات من القرن الماضي حين بدأ الباحثون والنقاد واساتذة الجامعات يكتبون عن هذا العمل الروائي المدهش الذي طور شكل الكتابة الروائية في منتصف القرن التاسع عشر وجعل الرواية الاميركية تحتل مكانة متقدمة في تاريخ الرواية العالمية.
في رواية ( موبي ديك ) لــ ( هرمان ملفل 1819م – 1891م ) نقرأ عن سفينة بحارتها من أديان مختلفة وقبطانها اسمه آهاب ( Ahab ) .. هذا القبطان فقد قدمه  أثناء محاولته اصطياد حوت أبيض اسمه موبي ديك.. هذا القبطان أبحر في سفينة يمتلكها أناس المدينة كلهم من أجل اصطياد الحيتان الغنية بالزيت وبيع هذا الزيت وتوزيع ثمنه على المساهمين.. لكن هذا القبطان جاء إلى السفينة بقضية خاصة به.. وضع في رأسه أن ينتقم من موبي ديك الذي قضم رجله متجاهلا مصالح الناس.. فجاب المحيطات لمدة ثلاث سنوات باحثا عن هذا الحوت الأسطوري ومعارضا ضباطه وملاحيه الذين يطلبون منه نسيان الأمر والإهتمام بصيد الحيتان الأخرى لتعبئة السفينة ببراميل زيت حوت العنبر.. ربما يكون عرق الإنسان في هذا العصر هو الزيت.. والحوت الأبيض هو الجوهرة التي في قلبه والتي يبحث عنها الأشرار بكل طرقهم لسلبها منه.. والحوت الأبيض عندما بتر رجل القبطان كان يدافع عن نفسه وعن أرضه.
هذه الرواية من أهم الروايات التي أبدعتها الإنسانية.. تحكي عن صراع الإنسان مع الطبيعة وتقدّم مباهجا إبداعية في فن السرد وتسريب المعلومة من خلال التحرك في أسرار وأغوار مهنة التحويت اللذيذة.. هذه الرواية تعيد لنا شخصية الفرد الذي يحاول استغلال كل امكانيات الجماعة البشرية ووضعها تحت سيطرته من أجل تحقيق رغباته الشخصية وأهدافه الذاتية ضاربا بأهداف الجماعة التي تشاركه الحياة وآمالها وأحلامها ومصالحها إلى عرض الحائط.
قال جورج برنارد شو عن رواية موبي ديك :
(( منذ عرف الإنسان كيف يكتب لم يوجد قط كتاب مثل هذا , وعقل الإنسان أضعف من أن ينتج كتابا مثله , وإني أضع مؤلفه في مصاف مؤلفات رابليه وسويفت وشكسبير )).

لا أعتقد أن هذه الرواية يمكن الكتابة عنها بعد قراءتها لمرّة واحدة.. والكتابة عنها لا يمكن أن تتم في جلسة واحدة.. أو جلستين.. الكتابة عن هذه الرواية نقدا أو دراسة أو انطباعا أعتبره مشروعا إبداعيا.. على من أراد أن يقوم بذلك أن يتفرّغ له لشهور بل لسنوات إن أسعفه الوقت.. فهي من الروايات التي تفجر الرؤى في المخيلة.. هي موج ضخم يستدرجك بالتزحلق عليه ثم يغمرك داخله حتى إن شعر أنك ستختنق رماك على الشاطىء.. هي موج إبداعي أمين.. يغذيك برفق ويضيؤك بسلام ويحترمك فلا يمنحك نفسه مجانا أبدا.. كل شعاع تمسكه في هذه الرواية يقودك إلى بؤرة الحياة لتتأمل الأعاجيب وتقف متمتعا حائرا عاجزا عن تفسير ما رأيت.. وبالرغم من أن هذه الرواية قد تم انتاجها سينمائيا إلا أن النص المرئي سيظل قاصرا على منح كل ما تحتوي الرواية من إبداع.. فهناك جمل وكلمات في الرواية من المستحيل تصويرها أو تدوير الآلات على حروفها.
لينك للتحميل :